الحرب على الإرهاب
معتزة مهابة
في عام 2001، وتحديدًا في 11 سبتمبر، تم ضرب البرجين التجاريين في مدينة نيويورك، وقيل وقتها إن من وراء التفجيرات هو "تنظيم القاعدة"، بقيادة "أسامة بن لادن"، لتعلن بعدها الولايات المتحدة الأمريكية برئاسة جورج بوش الحرب على الإرهاب، وقال جملته الشهيرة "من ليس معنا فهو ضدنا".
وهنا تحركت مصر برئاسة الرئيس الوطني حسني مبارك، وطالبت العالم بعقد مؤتمر دولي لمكافحة الإرهاب, إلا أن أمريكا وقفت بشراسة ضد عقد هذا المؤتمر، لا لسبب، إلا لأنها أدركت أن مصر تسعى لإفشال مخططها في احتلال منطقة الشرق الأوسط وتغيير خارطة العالم.
وبعدها فعلًا بدأ المخطط، وأنطلق من أفغانستان لتحتل بعدها أمريكا العراق، وكلنا نعلم الأسباب التي ساقتها الإدارة الأمريكية في ذلك الوقت، وشكلت هذه الحرب انعطافة، وصفها الكثيرون بالخطيرة، وغير المسبوقة في التاريخ لكونها حربًا غير واضحة المعالم، وتختلف عن الحروب التقليدية من حيث تعدد الأبعاد والأهداف.
أما مصر فلم تكن جاهلة بأهداف هذه الحرب، حيث كانت تعلم جيدًا أن الدور قادم عليها لا محال، ولذلك عندما طالب الرئيس مبارك بعقد مؤتمر دولي لمكافحة الإرهاب كان يريد وضع أدوات أمريكا للحرب على المنطقة تحت طائلة القانون الدولي، وكان يعلم أن محاولاته ستبوء بالفشل، لكنه أراد تسجيل نقطة في التاريخ.
أما أدوات أمريكا في الحرب، فكانت تنظيم القاعدة الذي ولد من رحم تنظيم الإخوان الإرهابيين، وهي الجناح العسكري لهم، كما أن أسماء كبيرة في هذا التنظيم النجس، قد جندت ودربت أعضاء من تنظيم القاعدة، ومن أبرز هذه الأسماء عبد الله عزام، الذي قيل أنه هو من جند أسامة بن لادن، الذي كان عضوًا في الإخوان الإرهابيين، فرع السعودية والقيادي الأخطر محمود عزت الهارب حاليًا في غزة، وتحميه المنظمة الإرهابية حماس.
الإخوان هم من صنعوا القاعدة وغيرها من التنظيمات التي تحارب الوطن باسم الدين وهي لا تخدم سوى أهداف الشيطان الأعظم أمريكا وذراعه العسكري إسرائيل, وقد أكد خبراء أمنيون واستراتيجيون أن العلاقة بين الإخوان والتنظيمات الإرهابية بدأت في السبعينيات من القرن الماضي، من خلال لجنة الطلبة التي أنشاها المرشد الثالث للجماعة عمر التلمساني1973- 1986.
كما أن جماعة الإخوان الإرهابيين قد دعمت ومولت معسكرات تدريب لأعضاء تنظيم القاعدة في ليبيا للقيام بعمليات تخريبية واغتيالات داخل الأراضي المصرية، فور وصول المعزول مرسي لسدة الحكم لولا يقظة ووطنية مؤسستها العسكرية والسيادية والشرطية، وعليك أن تتأمل العلاقة الوطيدة بين هذا التنظيم الإرهابي ودولة كإيران التي يحمل أهم شارع فيها اسم قاتل الرئيس الراحل السادات, ودولة كقطر تدفع المليارات من أجل إسقاط مصر، ودولة كتركيا عضو حلف الناتو الذي ضرب ليبيا، وقتل 70 ألف مواطن ليبي، لا ذنب لهم، وقبل كل هذا الدعم الأمريكي الهائل والمستفز لهؤلاء المجرمين الإرهابيين.
إن مصر تعتبر خط الدفاع الأول عن المنطقة العربية, وأمريكا وحلفائها يعلمون جيدًا أن السيطرة على هذه المنطقة الحيوية والاستراتيجية مرهون بسقوط مصر وتدمير جيشها الأقوى في المنطقة, ولقد قررت مصر وقادتها خوض هذه الحرب والتصدي لها بكل ضراوة وشجاعة وبسالة، ولن تتراجع فهي قادرة على المواجهة والمراوغة والخداع وإصابة عدوها بالشلل الفكري والذهول.
هي لم تسعى لهذه الحرب, لكنها عند المواجهة هي دولة جسور لا تخاف ولا تتراجع, بل ستنتصر بإذن الله وبرعايته فهي على الحق المبين، ولكن ما يحز بالتأكيد في نفسها هو أن بعضًا من أبنائها خنجر وشوكة في ظهرها, وعلى أبنائها الشرفاء أن يعلموا أن الحرب لم تنتهي بعد, بل الفترة القادمة قد تكون الأخطر والأهم والعمليات الخسيسة الجبانة قد تحاول النيل من صمودكم وإيمانكم وثقتكم في قادتكم, فلتثبتوا وتثابروا وتكونوا عونًا مع وطنكم على أعدائكم, ولتعلموا أن التاريخ سيحكي لأجيال قادمة عن نضال وثبات هذا الشعب العريق وعشقه لتراب أرضه وأنه مهما تكالب عليه إرهابيو العالم فهم حائط صد لا ينكسر من أجل حماية هذه الدرة الغالية، ولتعلموا أن وقت الحساب قد بدأ، وسيكشف الغطاء عن كل خائن عميل، ساعد وعمل على إسقاط بلده من أجل عيون أعدائها, فلنراقب المحاكمات ولنستعد للمفاجآت.