مسجد وصيف دوت نت
أهلا وسهلا بك أخى وأختى فى منتديات مسجد وصيف دوت نت
يسعدنا دائما أن تكونوا معنا - تفضل بالتسجيل فى منتديات مسجد وصيف دوت نت
مسجد وصيف دوت نت
أهلا وسهلا بك أخى وأختى فى منتديات مسجد وصيف دوت نت
يسعدنا دائما أن تكونوا معنا - تفضل بالتسجيل فى منتديات مسجد وصيف دوت نت
مسجد وصيف دوت نت
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
مسجد وصيف دوت نت

منتدى خواطر وتعارف مسجد وصيف
 
الرئيسيةالرئيسية  البوابةالبوابة  التسجيلالتسجيل  أحدث الصورأحدث الصور  دخولدخول  

 

 : تفجير مركز التجارة العالمي في نيويورك سنة 1993م

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
المدير العام

المدير العام


عدد الرسائل : 6594
السٌّمعَة : 7
نقاط : 6350
تاريخ التسجيل : 25/01/2007

: تفجير مركز التجارة العالمي في نيويورك سنة 1993م Empty
مُساهمةموضوع: : تفجير مركز التجارة العالمي في نيويورك سنة 1993م   : تفجير مركز التجارة العالمي في نيويورك سنة 1993م Emptyالخميس 20 فبراير - 1:20

: تفجير مركز التجارة العالمي في نيويورك سنة 1993م

الكاتب : البطل الفلسطيني - 07:01:58 2013-07-27
.
في الساعة 12:17 ظهرًا من يوم الجمعة 26 فبراير شباط سنة 1993م، اهتزَ مبنى مركز التجارة العالمي في مدينة نيويورك نتيجة انفجار كبير تسبب في وقوع خسائر بلغت قيمتها ملايين الدولارات، بالاضافة الى مقتل ستة امريكيين واصابة نحو 1.042 بجروح متفاوته. وهكذا وصف هذا التفجير غربيًا بانه "أول هجوم إرهابي إسلامي على مركز تجاري عالمي".

. تفاصيل العملية

عملَ عبد الرحمن سعيد على تفخيخ شاحنة رايدر صفراء اللون بنحو 1.336 رطل (606 كغم) من المتفجرات المصنوعة من نترات اليوريا والألومنيوم والمغنيسيوم وجسيمات أكسيد الحديد والنيتروجلسرين ونترات الأمونيوم والديناميت ومسحوق دخاني وصمامات ومتفجرات معززة بجانب ثلاثة خزانات هيدروجين واسطوانات غاز لاطلاق المزيد من الطاقة المتفجرة العالية. بعد ذلك نُقلت الشاحنة من قبل رمزي يوسف واياد اسماعيل الى مرآب السيارات العامة تحت مركز التجارة العالمي/البرج الشمالي ثم اشعلت الفتيلة وغادر كِلا المنفذين سريعًا بعيدًا عن موقع العملية. بعد أثنى عشر دقيقة وتحديدًا في الساعة 12:17:37 انفجرت الشاحنة مما ولدت ضغط وصلَ الى نحو 150.000 ألف رطل ضمن سرعة انفجار وصلت الى نحو 15.000 ألف قدم/ ثانية. تسبب الانفجار في احداث حفرة بلغ عمقها نحو 30 متر من خلال تدمير أربعة مستويات من الخرسانة وقطع خطوط الطاقة الكهربائية الرئيسية وانقطاع نظام الاضاءة في حالات الطوارى واندلاع حرائق ودخان كثيف وصل الى الطابق رقم 93 في كِلا البرجين المتجاورين وتعطلت المصاعد وفقدت اشارة بث الراديو ومحطات التلفزيون والخدمة الهاتفية. كانَ الهدف من التفجير ضمان انهيار البرج الشمالي على البرج الجنوبي، الا ان ذلك لم يتحقق حسب اعترافات المُتهمين في القضية.



. هدف العملية

تلقى الصحفي ستيف كول رسالة من رمزي يوسف قبل تنفيذ العملية بفترة وجيزة طالب فيها بايقاف جميع اشكال المساعدات الامريكية لاسرائيل وقطع العلاقات الدبلوماسية بين الولايات المتحدة واسرائيل وتقديم تعهد امريكي بعدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان العربية. واضاف رمزي يوسف في الرسالة بان الهجوم على مركز التجارة العالمي سيكون مجرد عملية أولى من سلسلة هجمات اخرى تستهدف امريكا اذا لم تتحقق المطالب. وبررَ رمزي يوسف العملية بانها رد على "ارهاب اسرائيل المدعوم من امريكا ضد المدنيين في فلسطين والمعاملة بالمثل"، حسب وسائل الاعلام الغربية.


. الخلية المخططة والمُنفذة

- رمزي يوسف: العقل المُدبر للعملية واسمه الحقيقي عبد الباسط البلوشي. ولد لابوين باكستانيين في الكويت في العشرين من مايو ايار سنة 1967م ويحمل الجنسية الباكستانية بجانب شهادة الهندسة في اختصاص الالكترونيات من انجلترا سنة 1989م. القي القبض على رمزي يوسف سنة 1995م في بيت ضيافة في اسلام اباد من قبل الاستخبارات الداخلية الباكستانية ثم جرى تسليمه للاستخبارات المركزية الامريكية. حُكم عليه بالسجن المؤبد ورد على القاضي في المحكمة الامريكية للمنطقة الجنوبية في نيويورك: "نعم، أنا ارهابي وأنا فخور بذلك طالما ان الارهاب ضد حكومة الولايات المتحدة واسرائيل. انتم من تخترعون الارهاب وتستخدمونه كل يوم...أنتم جزارين وكذابين ومنافقين".


رمزي يوسف


- محمود أبو حليمة: ولد في كفر الدوار في مصر سنة 1959م. امضى أبو حليمة فترة صباه مع الجماعة الإسلامية، وامضى بعض الوقت للدراسة في جامعة الإسكندرية لكنه تركها حين ترك مصر سنة 1981م ليعمل لاحقًا كسائق تاكسي في نيويورك لخمس سنوات 1986-1991م. بعد عملية مركز التجارة العالمي سنة 1993م، هرب أبو حليمة إلى السعودية ومنها إلى مصر حيث القي القبض عليه وعذب وسلم الى الاستخبارات المركزية الامريكية مقيضًا بشريط لاصق. حُكم عليه بالسجن لمدة 240 سنة في السجون الامريكية.


محمود أبو حليمة


- عبد الرحمن سعيد: ولد لابوين عراقيين في ولاية إنديانا الامريكية في العاشر من ابريل نيسان سنة 1960م. بعد وقت قصير من ولادته، انتقلت عائلة الدكتور سعيد ياسين السامرائي مرة أخرى الى بغداد، وفيها عاش عبد الرحمن فترة صباه. أعتقلَ عبد الرحمن سعيد من قبل مكتب التحقيقات الفيدرالي في شقة كانَ يتقاسمها مع والدته بولاية نيو جيرسي في الرابع من مارس اذار سنة 1993م، ولكن أطلق سراحه ليغادر سريعًا الولايات المتحدة باتجاه الاردن ومنها الى بغداد عبر الرحلة الجوية رقم 262 للخطوط الجوية الاردنية. وفي سنة 1994م اعتقل مِن قبل جهاز المخابرات العراقي ليوضع في سجن انفرادي بمنطقة الكاظمية غرب العاصمة لغاية فراره منه بعد غزو بغداد سنة 2003م.


عبد الرحمن سعيد


- محمد سلامة: ولد في نابلس بالضفة الغربية في الاول من سبتمبر ايلول سنة 1967م. دخل محمد سلامة إلى الولايات المتحدة بتأشيرة سياحية 6 أشهر سنة 1988م واقامَ فيها بصورة غير قانونية. تقول صحيفة جيروزاليم بوست في اغسطس اب سنة 2010م ان محمد سلامة وبلال القيسي من الاردن والامريكي المصري سيد نصير كانوا وراء عملية اغتيال الحاخام اليهودي الصهيوني مائير دافيد كاهانا، مؤسس حركة كاخ المعادية للعرب، في نيويورك في الخامس من نوفمبر تشرين الثاني سنة 1990م. أعتقلَ محمد سلامة بعد عملية مركز التجارة العالمي من قبل مكتب التحقيقات الفيدرالي في الرابع من مارس اذار سنة 1993م .


محمد سلامة


- اياد اسماعيل: ولد لابوين فلسطينيين في الكويت سنة 1971م ودخل الولايات المتحدة في سنة 1989م بهدف دراسة الهندسة. في أغسطس اب سنة 1995م اعتقلَ اياد اسماعيل من قبل المخابرات الاردنية في عمان وجرى تسليمه الى الاستخبارات المركزية الامريكية لمحاكمته في نيويورك بتهمة المشاركة في عملية تفجير مركز التجارة العالمي. حُكم عليه بالسجن لمدة 240 سنة تنتهي في الثلاثين من اغسطس اب سنة 2204م!


اياد اسماعيل


- نضال عياد: ولد لابوين فلسطينيين في الكويت سنة 1968م. درسَ نضال عياد الهندسة الكيميائية والكيمياء الحيوية في جامعة روتجرز في نيو جيرسي في سنة 1985م وتخرجَ منها واصبحَ مواطنًا امريكيًا سنة 1991م. بعد ذلك عملَ كمهندس بحوث للمواد الكيميائية، وفي نفس الوقت كان يجمع المال للفقراء في افغانستان عن طريق المساجد في نيويورك. أعتقلَ نضال عياد من قبل مكتب التحقيقات الفيدرالي في الرابع من مارس اذار سنة 1993م وحُكم عليه بالسجن لمدة 240 سنة.


نضال عياد


- أحمد محمد عجاج: ولد في مدينة القدس الشريف سنة 1966م. في الحادي والثلاثين من اغسطس اب سنة 1992م، توجه احمد عجاج مع زميله الباكستاني رمزي يوسف من بيشاور الى كراتشي ومن ثم الى مطار كنيدي في مدينة نيويورك على متن رحلة الخطوط الجوية الباكستانية 703. أستخدمَ عجاج ويوسف في هذه الرحلة خمسة جوازات سفر مزورة: "جواز سفر سعودي، جواز سفر اردني، جواز سفر عراقي، جواز سفر بريطاني، جواز سفر سويدي" الا ان الرحلة لم تكن موفقة. فاثناء تفتيش حقائب عجاج، أكتشفَ موظفوا المطار جوازات السفر المزورة التي كانت تحمل اسماء مُختلفة. وأكتشفَ الموظفون ايضًا كتيبات لصنع المتفجرات واشرطة فيديو وخطابات مناهضة للأمريكيين والاسرائيليين. اما يوسف، فقد ادعى بانه عراقي وليس له علاقة بعجاج، وان جواز سفره مزور واشتراه بمبلغ 100 دولار هرباً من صدام حسين. نتيجةً لعدم وجود أدلة تُشير الى العلاقة بين يوسف وعجاج، قرر المفتشون الأفراج عن يوسف كطالب لحق اللجوء السياسي الى حين عقد جلسة الأستماع، بينما حُكم على عجاج بالسجن لمدة ستة أشهر بتهمة حيازة جوازات سفر مزورة. خلال الاونة الاخيرة، سربت الصحافة الأمريكية العديد من التقارير التي تتحدث عن أصابة احمد عجاج بسرطان الرئة وخضوعه على اثره لعلاج اشعاعي. وتحدثت التقرير ايضًا عن تقديم عجاج الشكاوى والدعاوى القضائية أحتجاجًا على نظام السجون الأمريكية والأنتهاكات الحاصلة فيها، أذ يقضي عجاج حُكمًا بالسجن لمدة 115 سنة في سجن ماريون بولاية ايلينوي الأمريكية مع دفع غرامة مقدارها 250,000 ألف دولار واخرى 250 مليون دولار لأدانته في تسع تُهم بينها المُشاركة في المراحل الأولى لعملية تفجير مركز التجارة العالمي والتجسس.


أحمد محمد عجاج


- خالد الشيخ محمد: ممول العملية وخال رمزي يوسف وصاحب القول في المحكمة الامريكية سنة 2012م:"دمكم ليس من ذهب، ودمنا ليس من ماء". ولد لابوين باكستانيين في الكويت في الاول من مارس اذار سنة 1964م ويحمل الجنسيات الباكستانية والكويتية والبوسنية بجانب شهادة الهندسة الميكانيكية من جامعة كارولينا الشمالية. القي القبض على خالد الشيخ في الثاني من مارس اذار سنة 2003م في باكستان من قبل الاستخبارات الداخلية الباكستانية ووكالة الاستخبارات المركزية الامريكية. يتهم خالد الشيخ بلائحة طويلة من التهم منها تمويل عملية مركز التجارة العالمي سنة 1993م والتخطيط لعملية الحادي عشر من سبتمبر ايلول سنة 2001م والتخطيط لتدمير مباني في ايلات جنوب اسرائيل والسفارات الامريكية والاسرائيلية في اندونيسيا واستراليا واليابان والهند وأذربيجان والفلبين وإرسال العديد من "المجاهدين" إلى إسرائيل لاستطلاع "أهداف إستراتيجية" بهدف مهاجمتها ودراسة وتمويل هجوم على شركة طيران العال الإسرائيلية من بانكوك ومحاولة فاشلة لإسقاط طائرة ركاب إسرائيلية كانت تغادر مطار مومباسا في كينيا والتخطيط لضرب اهداف بريطانية ويهودية في تركيا والتخطيط لقتل البابا يوحنا بولس الثاني والرئيس الباكستاني برويز مشرف ومحاولة مهاجمة شركة نفط أمريكية في سومطرة يملكها السياسي اليهودي هنري كيسنجر والتخطيط لمهاجمة مقر حلف شمال الاطلسي الناتو في أوروبا ومراقبة محطات الطاقة النووية الأمريكية بهدف مهاجمتها وغيرها من المخططات والعمليات الاخرى.


خالد الشيخ محمد











الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://ibnimos.yoo7.com
المدير العام

المدير العام


عدد الرسائل : 6594
السٌّمعَة : 7
نقاط : 6350
تاريخ التسجيل : 25/01/2007

: تفجير مركز التجارة العالمي في نيويورك سنة 1993م Empty
مُساهمةموضوع: رد: : تفجير مركز التجارة العالمي في نيويورك سنة 1993م   : تفجير مركز التجارة العالمي في نيويورك سنة 1993م Emptyالخميس 20 فبراير - 19:38

هل اقتنع الجميع بما حدث ويحدث الان
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://ibnimos.yoo7.com
المدير العام

المدير العام


عدد الرسائل : 6594
السٌّمعَة : 7
نقاط : 6350
تاريخ التسجيل : 25/01/2007

: تفجير مركز التجارة العالمي في نيويورك سنة 1993م Empty
مُساهمةموضوع: رد: : تفجير مركز التجارة العالمي في نيويورك سنة 1993م   : تفجير مركز التجارة العالمي في نيويورك سنة 1993م Emptyالخميس 20 فبراير - 19:44

ساعة ونصف هزت العالم

طلال الخالدي

القسم الأول: يوم الرعب الأمريكي

أولاً- دلالات مواقع الهجوم

ثانياً- القوة صاحبة المصلحة والقدرة على الهجوم

ثالثاً- الآثار المباشرة للهجوم على أمريكا

1- حجم الخسائر المادية والمعنوية

2- آثار الهجوم على الجالية العربية والإسلامية

3- الآثار الدولية

القسم الثاني:رد الفعل الأمريكي

أولاً- إعلان حالة الحرب على "الإرهاب"

ثانياً- تحديد العدو "الهدف المباشر"

1- أفغانستان دولة في مهب الريح

2- من الجهاد إلى الأصولية

3- طالبان ودولة الأصولية السنية المجاهدة

4- ابن لادن ومنظمة القاعدة

ثالثاً- تحديد العدو .. أهداف أخرى

1- الدولة الداعمة للإرهاب

2- منظمات الإرهاب الدولي

القسم الثالث: من النسر النبيل إلى العدالة المطلقة .. إدارة الصراع

أولاً- من الانكفاء إلى التوسع

ثانيا- من التردد إلى الاستعجال

ثالثاً- من خطة النسر النبيل إلى العدالة المطلقة

رابعاً- الأهداف البعيدة للحملة الأمريكية

القسم الأخير: استخلاصات عامة



القسم الأول
يوم الرعب في أمريكا

اعتادت الولايات المتحدة الأمريكية أن تلقي الرعب في قلوب الشعوب في أنحاء متفرقة من العالم بسبب قوتها الغاشمة العارية من القيم الأخلاقية، ولعل قصف هيروشيما وناغازاكي بالقنابل الذرية في نهاية الحرب العالمية الثانية، وما نجم عن ذلك القصف من تدمير وقتل مئات الآلاف من المدنيين مجرد شاهد تاريخي عمدت الإدارات الأمريكية باستمرار على إحيائه، ففي الفيتنام بلغ ضحايا حرب الإبادة الأمريكية عدة ملايين، وفي العراق الذي تعرض لحرب إبادة أخرى سقط مئات الآلاف في عدوان مستمر حتى اليوم، الرعب الأمريكي مرّ في كوريا وكوبا والبلقان وفي أمريكا اللاتينية أيضاً.

سياسة نشر الرعب ليست جديدة في الولايات المتحدة الأمريكية، فالمجتمع الأمريكي ما قام إلا على "الإرهاب المنظم" الذي حصد أول ما حصد الهنود الحمر سكان أمريكا الأصليين، إضافة إلى الملايين من "الزنوج" الذين استقدموا من القارة الأفريقية ليشكلوا طبقة العبيد.

عقلية الإرهاب وخلفيته العنصرية كانت وراء الدعم اللامحدود للإرهاب الصهيوني والذي وصل إلى حد الشراكة، فما ترتكبه الصهيونية من جرائم بحق المدنيين الفلسطينيين يتم تنفيذه بسلاح أمريكي تمّ إهدائه للصهيونية من أجل تنفيذ عمليات القتل والإعدام وتجري حمايته سياسياً ودبلوماسياً تحت مفهوم منمط لغطرسة القوة .

الإرهاب الأمريكي، وسياسة نشر الرعب الخارجي، تواجه يوم 11 أيلول / سبتمبر بحالة مضادة، ففي هذا اليوم حل الرعب بأمريكا، وانتشرت مظاهر الفزع في كافة أرجائها وطال الرعب والذعر مؤسساتها وأرفع قادتها، فالرئيس الأمريكي لم يجرؤ على العودة إلى البيت الأبيض ليواجه من هناك الأزمة التي ضربت الولايات المتحدة في أهم ما تملكه وهو عنجعيتها، بل توجه إلى قاعدة عسكرية كبيرة تمتاز بمخابئها وحصونها "النووية" واختفى كبار المسؤولين الأمريكيين عن الأنظار طوال ساعات طويلة، وفي شوارع واشنطن ونيويورك سيطر الذعر على كل شيء، الإدارات، الأفراد، المسؤولين.

كانت الإدارة الأمريكية تتحدث بشكل دائم عن الإرهاب الخارجي، العربي أو الإسلامي، وعن إرهاب ما أسمته بالدول المارقة، كوبا وكوريا، والعراق وإيران، ومعهم ليبيا وسوريا والسودان، وكانت تدرك قبل غيرها أن هذه الدول "المارقة" ليست معنية بالإرهاب أو بنقله إلى الولايات المتحدة الأمريكية، وهي غير قادرة أصلاً على تنفيذه أو تحمل تبعاته، لكن الحديث عن الإرهاب ومخاطره على الولايات المتحدة الأمريكية كان مجرد غطاء للإرهاب الأمريكي، وتغطية لاستمرار العربدة الأمريكية وتمرير مصالح شركات الأسلحة، ولتنظيم وتطوير أسلحة ردع اعتقدت أنها تكفل لها استمرار سيطرتها على العالم لأجيال قادمة .

في يوم الحادي عشر من أيلول حصدت الولايات المتحدة الأمريكية بعضاً مما زرعته عبر تاريخها الإجرامي الطويل، فضربت في عقر دارها، وطال العنف رمزيها المالي والعسكري، فسقطت أبراج سوقها التجاري والمالي الذي شيدته عنواناً لهيمنتها المالية، وسقطت أهم واجهات وزارة الحرب الأمريكية "البنتاغون" مدمرة معها أهم المعاقل الحربية الأمريكية، وهكذا ظهر "النمر الأمريكي" وكأنه نمر من ورق، بعد أن تمكن "العنف الداخلي" من ضربه في "عقب أخيل" أو نقطة ضعفه الأساسية.

ومع انهيار طبقات المركز التجاري زادت مظاهر الرعب، حيث قضى المئات من رجال الإنقاذ تحت الانهيار، القرارات الوحيدةا لتي اتخذت إغلاق الموانئ الجوية في جميع أنحاء الولايات المتحدة الأمريكية وتحويل رحلات الطيران القادمة إلى كندا والمطارات المجاورة، مما ألقى بالمزيد من الضغوط النفسية .

في هذه اللحظات المأساوية وقبل أن يفيق المسؤولون الأمريكيون من حالة الذهول وقبل أن يمسكوا بأي خيط من خيوط العملية المدمرة راحت وسائل الإعلام الأمريكية تتحدث عن الإرهاب الأصولي والعربي، وسرت إشاعات عن تورط منظمات فلسطينية، ومما زاد من الإشاعات تبرئ عدد من المنظمات الفلسطينية من ارتكاب هذا الحادث وأدانته، وسرعان ما استقر الاتهام عند ابن لادن، فهو العدو رقم واحد للولايات المتحدة الأمريكية كما سوقته وسائل الإعلام وكبار المسؤولين خلال السنوات الماضية.

وبدأ الذعر يتحول إلى غضب، وراح المسؤولون الأمريكيون في شن حملة تهويل للتستر على الارتباك الذي اعتراهم جميعاً، وعلى ما تبدى من انكشاف ثغرات النظام الأمني في دولة قالت أنها التي لا تقهر.
أولاً: رموز العنجهية .. دلالات الاختيار

في يوم الصدمة والرعب تبين أن الذين خططوا لأعمال العنف ونفذوها قد أرادوا طعن "الجبار الأمريكي" في مقتله، وأن اختيارهم لأهدافهم ما كان عشوائياً، فمركز التجارة العالمي ليس مجرد ناطحة سحاب كبرى أو الأكبر في الولايات المتحدة الأمريكية، وإنما هو كما عبر أصحابه رمز القوة المالية الأمريكية، فهو يضم مكاتب الشركات الاقتصادية والمالية الكبرى، وفيه تتم اكبر الصفقات المالية والتجارية، ويبلغ عدد موظفي هذه المكاتب أكثر من خمسة وأربعين ألفاً ما عدا الزوار والمتفرجين والسواح، وبلغت تكاليف بنائه أكثر من سبعة وثلاثين مليون دولار أمريكي، وبسبب هذا العنوان والمعنى تعرض المبنى لعدة عمليات عنف ومحاولات تخريب كان أبرزها تلك العملية التي استهدفته عام 1991 والتي أدت إلى مقتل ستة أشخاص وجرح ألف آخرين بانفجار سيارة مفخخة وضعت في أحد المرائب التابعة له، وقيل أن أصوليين إسلاميين كانوا وراء الحادث، وحكم على الشيخ عمر عبد الرحمن المرشد الروحي لحركة الجماعة الإسلامية المصرية بالسجن المؤبد بعدما أسندت إليه تهمة التحريض على تلك العملية، وهي تهمة لم تثبت فعلياً حتى اليوم.

أما الهدف الثاني فكان البنتاغون مقر وزارة الدفاع الأمريكية ذا البناء المخمس الأضلاع وفي هذا البناء مراكز القيادة العسكرية الأمريكية ومراكز التخطيط والتوجيه، ويضم المبنى عشرات الآلاف من العسكريين والموظفين المدنيين، وتركز الهجوم على المضلع الذي جرى تجديده مؤخراً والذي انتقلت إليه معظم القيادات العليا، ومن الناحية النظرية يفترض أن يكون هذا البناء أول ما يستهدف في حرب كونية أو عالمية، مما يقتضي أكبر حماية.

اختيار هذين الهدفين والنجاح بتدميرهما يعني أن المستهدف الأساسي هو مراكز القوة الأمريكية المالية والعسكرية وأن منفذي العمليات قد نجحوا في تحقيق هدفهم بعيداً عن ردود الفعل الأمريكية الممكنة .

ثانياً – القوة المهاجمة .. من يملك المصلحة والقدرة؟

بعد أن انقشع الغبار وخفت الصدمة تبين أن منفذي تلك العمليات هم أربعة مجموعات "انتحارية" قامت بخطف طائرات مدنية من مطارات قريبة من واشنطن وتقوم برحلات داخلية، وتوجهوا بها لتحقيق أهدافهم، وقيل أن بعض الخاطفين تدربوا أو هم يحملون شهادات طيران مدني تؤهلهم لقيادة الطائرات المخطوفة وتوجيهها نحو أهدافهم المختارة، وقدرت مصادر المحققين الأمريكيين عدد هؤلاء الخاطفين بثمانية عشرة رجل، وأضافت تلك المصادر أنها تتوقع أن لا يقل عدد المشاركين في تنفيذ تلك العمليات عن (40- 50) فرداً، وهو ما يدل على حسن التخطيط والتدريب والتنفيذ وعن قدرة كبيرة على التمويل مما يقطع بأن هذه العملية من إعداد جهة أو دولة تملك هذه الإمكانات، وهو ما دعا المحققين إلى تأكيد دور لابن لادن ولمنظمته القاعدة نظراً لإمكاناته المادية ولتملكه الدوافع لتنفيذ هكذا عملية.

لكن وقبل أن ننساق إلى ما تدفع إليه رغبة المحققين الأمريكيين وفي انتظار انكشاف الحقيقة التي قد لا تنكشف إلا بعد سنوات طويلة سنحاول أن نقوم بتحليل القوى المحتمله أن تكون وراء تلك العمليات.

في بداية أي تحقيق جنائي يبرز تساؤل عن أصحاب المصلحة في تنفيذ ذلك الفعل الجنائي، وفي أحداث نيويورك وواشنطن يبرز السؤال من يريد أن يوجه لطمة إلى الولايات المتحدة الأمريكية كدولة وليس للأمريكيين كأفراد؟

قائمة الجواب على السؤال طويلة، فللولايات المتحدة كنظام ودولة أعداء كثيرون منتشرون في جميع أنحاء العالم وعلى امتداد قاراته الخمسة، فهناك أنظمة شيوعية سابقة ومنظمات ماركسية ناصبت "الإمبريالية الأمريكية" العداء على امتداد عقود القرن الماضي، وهناك منافسون دوليون لا تزال لهم دول وقوى مثل الصين، وهناك شعوب مقهورة تعرضت لكثير من الإرهاب الأمريكي مثل كوبا والفيتنام، وكوريا، وهناك اليابانيون ومنظماتهم الثورية التي تستذكر مجزرتي هيروشيما وناغازاكي، وهناك الصرب الذين تعرضوا للطعن في كرامتهم القومية بعد الضربات الوحشية التي تعرضت لها يوغسلافيا بتسليم رئيسهم إلى محكمة العدل الدولية، وهناك الأفارقة الذي استعادوا الإحساس بكرامتهم فراحوا يطالبون بتعويضهم عن سنوات الاستعباد والقرصنة، وهناك ما بقي من قبائل الهنود الحمر الذين أبيدوا، وهناك العرب الذين عانوا ولا يزالون من الإرهاب الأمريكي والصهيوني، وهناك المنافسون الماليون وغيرهم.

ولكن بعد تصفية هذه القوى على ضوء قاعدتين أساسيتين:

أولاهما القدرة المالية والأمنية على تنفيذ مثل تلك العملية الدقيقة والمحكمة.

ثانيهما: عدم التخوف من تبعات انكشاف العملية سواء بعد التنفيذ أو أثنائه و استعدادهما لتحمل المخاطرة أو تجنبها.

بعد تطبيق هاتين القاعدتين تبقى قائمة من القوى والخصوم يمكن التوقف عند أبرزها بشكل سريع:

1- المنظمات العنصرية والانفصالية الأمريكية، حيث توجد المئات من المنظمات العنصرية التي تملك مليشيات مسلحة، وهي منظمات مختلفة الحجم بعضها يتألف من مئات الأعضاء، بينما يتألف الآخر من مئات الآلاف، وهي منظمات يمينية تؤمن بالتفرقة العنصرية، وتعادي الاختلاط العرقي، وتقول بتفوق العنصر الأمريكي الأبيض، وبحقه في الهيمنة والسيطرة على العالم، ومعظم هذه المنظمات تقوم في الولايات الجنوبية، وترى أن الحرب الأهلية الأمريكية بين الجنوب والشمال كرست انتصار الشمال واحتلاله للجنوب وتدعو إلى تحرير الجنوب من استعمار " اليانكي" الشمالي، ومن أشهر تلك المنظمات، منظمة "ميتشجان" التي تضم مئات الألوف من الأعضاء والأنصار ولها معسكرات تدريب، وقام أحد عناصرها قبل سبعة سنوات عام 1993 بنسف المركز الاتحادي في ولاية "أكلاهوما" الجنوبية مما أدى إلى مصرع أكثر من مائة شخص ووجهت أصابع الاتهام إلى العرب والمسلمين قبل أن تتمكن الصدفة وحدها من القبض على منفذ العملية الذي حكم عليه بالإعدام ونفذ به قبل ثلاثة أشهر من عملية نيويورك وواشنطن، ومن المعروف أن لهذه المنظمة عناصر في الجيش وأجهزة الأمن، وبسبب انتشار عضويتها وبنيتها "العنقودية".

2- المنظمات المناوئة للعولمة، وهي منظمات أثبتت فاعليتها وقدراتها التخطيطية وإمكانياتها المالية التي ساعدت على نقل الحشود عبر القارات لمحاصرة اجتماعات القمم الدولية الاقتصادية وقالت مصادر أمنية أوروبية وأمريكية أن لدى 10% من تلك المنظمات ميول لممارسة "العنف الثوري" وأنها مهيأة لممارسته، ومن بين هذه المنظمات من يملك فعلاً خبرات في ممارسة العنف هو في معظمه إرث لمنظمات عالمية في مرحلتي الستينات والسبعينات من القرن الماضي .

3- مافيات المخدرات الأمريكية الجنوبية وفي مقدمتها اتحاد كارتل للمخدرات في كولومبيا ويخوض هذا الاتحاد حرباً معلنة ومستمرة منذ عدة سنوات مع إدارة مكافحة المخدرات الأمريكية، وكان قد هدد بتوجيه ضربة قوية للولايات المتحدة الأمريكية بعد تعرضه لضربات قوية تمثلت باعتقال بعض قادة الكارتل.

4- منظمات أصولية كمنظمة القاعدة وحلفائها الجهاد الإسلامي المصرية، والجماعات الإسلامية وغيرها، وكانت هذه المنظمات قد تعرضت في السنوات الأخيرة إلى حملة ملاحقات واعتقالات شاركت بها وقادتها الولايات المتحدة الأمريكية، وأسند إلى هذه المنظمات تنفيذ عمليات "عنف" ضد الولايات المتحدة ومصالحها على غرار محاولة تدمير مبنى التجارة العالمية عان 1991 و نسف سفارتي الولايات المتحدة في كينيا وتنزانيا وتدمير البارجة كول أمام الشواطئ اليمنية.

5- وعند البحث عن المنفذين المحتملين لا يمكن تجاهل الحركة الصهيونية وأجهزة استخباراتها، رغم التحالف الاستراتيجي بين الصهاينة وبين الولايات المتحدة الأمريكية،وهذا الاتهام ليس اعتباطياً حيث أن للحركة الصهيونية تاريخاً سابقاً في تنفيذ عمليات ضد مصالح "الأصدقاء" من أجل تحقيق أهداف استراتيجية، فقد أقدمت منظمات صهيونية على تفجير باخرة تحمل مهاجرين يهود قبالة الشواطئ الفلسطينية بعد منعها من الرسو بهدف إثارة الرأي العام العالمي، وفي عام 1954 نفذ الموساد الصهويني عمليات تفجير بالقنابل ضد مصالح أمريكية في القاهرة من أجل إساءة العلاقات بين مصر والولايات المتحدة الأمريكية، إلا أن تلك العمليات كشفت مما أدى إلى ما عرف بفضحية "لافون"، كما نشر عميل للاستخبارات البريطانية كتاباً يتضمن أسراراً عن ترتيب "الموساد" لتفجير قرب سفارتها "إسرائيل" في لندن من أجل اتهام العرب والضغط على بريطانية من أجل زيادة الاحتياطات الأمنية حول المراكز الصهيونية، ومن المؤكد ان الصهيونية تملك قدرة على تنفيذ عمليات بتلك الدقة، وتوجيه الإعلام والتحقيق لاتهام أطراف معادية لها.

قائمة الأعداء المحتملين يجب أن لا تبعد الأذهان عن أن الممارسات الإرهابية للولايات المتحدة وعنجهية القوة واستخدامها تبقى هي المسؤولة الأولى عن تلك العمليات بعيداً عن المنفذين والمخططين المباشرين.

ثالثاً – الآثار المباشرة للحدث..خمسة آلاف قتيل وأكثر من خمسين مليار دولار

1- خسائر الولايات المتحدة الأمريكية في عمليتي نيويورك وواشنطن.

من المؤكد ان الخسائر الكبرى التي تعرضت لها الولايات المتحدة الأمريكية هي خسائر معنوية، فقد بدت الولايات المتحدة الأمريكية عاجزة عن حماية نفسها من الهجمات التي يمكن أن يقوم بها خصومها، ومما يزيد من حجم الخسائر أنها المرة الأولى التي تتعرض فيها إلى هجوم قوي وناجح بهذه القوة على أرضها، ويستهدف عنفوانها، فقد اعتادت الولايات المتحدة الأمريكية على خوض حروبها خارج أراضيها، ويعتبر ضرب قاعدة "بيرل" هاربر" في الحرب العالمية الثانية الاستثناء الوحيد رغم أنه جرى على أرض أحد الأطراف البعيدة وليس في قلبها كما حدث في عمليتي نيويورك وواشنطن الأخيرة.

وإلى جانب هذه الخسائر المعنوية يمكن تسجيل بعض الأرقام والإحصاءات السريعة: بلغ عدد ركاب الطائرات المختطفة والتي تم تفجيرها 257 راكباً معظمهم من حملة الجنسية الأمريكية، وبلغ عدد ضحايا مركز التجارة العالمية أكثر من خمسة آلاف وأربعمائة مفقود وقتيل بما فيهم ما يقارب الأربعمائة من رجال الإطفاء والإنقاذ، ويقدر عدد ضحايا تدمير وزارة الدفاع ما بين 200 إلى 750 قتيلاً، كما يوجد مئات الجرحى والمصابين بسبب انهيار مركز التجارة العالمية، ولا يستبعد أن يصل إجمالي عدد القتلى إلى ما يقارب الستة آلاف شخص بينهم مسؤولون وضباط كبار في وزارة الدفاع ومدراء شركات كبرى.

وعن الخسائر المادية قدرت شركات الطيران الأمريكية خسائرها بما يزيد عن سبعة عشرة مليار دولار وقدرت تكاليف إعادة المبنى (مركز التجارة) لوحده مع رفع الأنقاض بأكثر من هذا المبلغ إضافة إلى ضياع وثائق مالية وعسكرية يصعب تقدير قيمتها، وتعرضت الأسواق التجارية إلى هزة عنيفة نجم عنها خسائر فادحة لم يجر تحديدها حتى اليوم، ففي أول يوم لافتتاح الأسواق المالية هبطت قيمة الأسهم بمقدار 7%، كما طالبت الأجهزة الأمنية بميزانية جديدة من أجل تحسين أدائها، ومن أجل تغطية مصاريف مواجهة حالة الطوارئ والاحتياجات الأمنية رصد الكونغرس الأمريكي مبلغ 20 مليار دولار إضافة إلى 10 مليار وضعت بيد الرئيس وأخرى رصدت لعمليات عسكرية وأمنية، ولا يدخل في هذه الأرقام أجور ساعات العمل الضائعة، ولا الخسارة الناجمة عن إفلاس بعض شركات التأمين، كما لا يدخل الحساب النهائي لتكاليف الاستنفار العسكري والأمني للعمليات العسكرية المتوقعة .

يضاف ضياع موجودات مالية وسندات في مصارف وشركات مبنى التجارة تقدر قيمتها بثلث الكتلة النقدية العالمية لم يعرف مصيرها حتى الآن رغم ما يقال عن توزيع قسم منها في مصارف ومراكز فرعية .

2- الآثار على المجتمع :

تعرضت الجالية الأمريكية ذات الأصول العربية والديانة الإسلامية إلى هجمات ومضايقات بسبب التحريض الإعلامي ضد العرب والمسلمين، حيث تعرضت بعض المحميات للضرب، كما كسرت واجهات مكتبات عربية، وتعرضت بعض المساجد لمحاولة الحرق، وتلقى المسؤولون عن الجمعيات العربية والإسلامية للشتم والتهديد بالقتل وقتل عدد من الأشخاص، ولم تكن الحوادث عفوية وتلقائية بل كثيراً ما لجأ رجال الأمن إلى إجراءات ذات خلفية عنصرية، فقد تم اعتقال عدد كبير من العرب الأمريكيين بما فيهم نسوة، وفي المطارات كانت الجنسية أو حتى الملامح العربية كافية للاحتجاز ومنع السفر أو الإخضاع لتفتيش صارم.

وتمت تلك التصرفات رغم الجهود الكبيرة التي بذلها مسؤولوا الجاليات العربية والإسلامية في إدانة العملية، والإصرار على المسؤولين الرسميين للتدخل لإيقاف هذه الحملة ضد العرب، ورغم تدخل الرئيس الأمريكي وبعض أعضاء مجلس الشيوخ من أجل عدم التسرع باتهام الجالية الإسلامية والعربية، إلا أن هذا لم يمنع من استمرار المضايقات والاعتقالات .

3- آثار العملية على السياسة الأمريكية :

لم تستفد السياسة الأمريكية من هذا الحدث لتصحيح سياستها الدولية بل على العكس من ذلك أجج هذا الحدث مشاعر الثأر والانتقام واستعادة الهيبة، وتمكن تيار الانخراط في السياسة الدولية من التغلب على دعاة الانعزال عن الشؤون الدولية ذات الأبعاد المحلية، وارتفعت شعارات الثأر واسترداد الهيبة .

دعاة العودة إلى الانغماس الدولي بدؤوا بالتخطيط لاستكمال النتائج الناقصة في حرب الخليج الثانية التي قادها بوش الأب من أجل بسط الهيمنة الأمريكية على العالم أجمع، إلا أن هذا الاندفاع لا يزال يواجه من قبل دعاة الانكفاء بضرورة ضبط النفس، وترك الصراعات الدولية للقوى المحلية مع دعم غير مباشر لبعض الدول الإقليمية "حلف الناتو"، الكيان الصهيوني، الهند.. إلخ".

4- آثار العملية على بعض الدول:

في الوطن العربي تلقى معظم المواطنين العرب العملية للوهلة الأولى بمظاهر الفرح والشماتة مستحضرين في ذاكرتهم الموقف الأمريكي المعادي للأمة العربية، والجرائم المرتكبة بحق العراق، والدعم المطلق المقدم للصهاينة، إلا أنَّ هذا الترحيب شابته مشاعر القلق خوفاً من رد الفعل الأمريكي، أما على مستوى الحكومات فقد كان القلق هو الطاغي، نظراً لأن أربعة دول عربية موضوعة على قائمة الإرهاب من أصل سبعة دول، إضافة إلى ستة عشر منظمة لبعضها تواجد في أكثر من دولة عربية.

القلق والترقب والخوف من آثار العملية على الأوضاع الداخلية ومن التبعات المالية التي اعتادت الولايات المتحدة تحميلها للدول العربية النفطية أدت إلى مسارعة الدول العربية بما فيها تلك التي توصف بالراديكالية إبداء مشاعر للتعاون مع الولايات المتحدة في مواجهة منفذي العملية.

بعض الدول العربية لم يفتها بأن تستغل هذه المناسبة لكي تطالب الولايات المتحدة والدول الغربية بتسليمها خصومها السياسيين اللاجئين في أراضيها باعتبارهم "إرهابيين" وأن تطالب المجتمع الغربي بالتوقف عن مهاجمة ما تسميه بالدفاع عن حقوق الإنسان في الوطن العربي، وبعد توجيه انتقادات لممارستها ضد خصومها ومعارضيها .

إلا أن الانعكاس الأكبر لتلك العمليات ظهر في الأراضي الفلسطينية المحتلة فقد عزز شارون من سياساته القمعية واستغل حالة الهيجان الأمريكي ضد الإرهاب ليشدد من ضرباته للفلسطينيين فقتلت قواته العشرات واقتحمت عدداً من المدن الكبرى كجنين وأريحا، وغزة ورام الله، وأعلن أنه يقود حرباً ضد الإرهاب، وهي نفس المعركة التي تقودها الولايات المتحدة، واعتبر ياسر عرفات النسخة الفلسطينية لابن لادن، كما طالبت وزارة العدل الصهيونية رسمياً بتسليمها مروان البرغوثي مسؤول فتح في الضفة لمحاكمته بتهمة الإرهاب.

ويمكن اعتبار العراق الدولة العربية الوحيدة التي نأت بنفسها عن التعاطف مع الإدارة الأمريكية واعتبرت هذا التعاطف نوعاً من النفاق، وبالمقابل وفي خطوة لافتة للنظر عدل السيد عرفات عن زيارة دمشق والتي كان من المتوقع لها أن تكون تعبيراً عن تحول هام في استراتيجية إدارة الصراع مع العدو الصهيوني.

وفي روسيا ربط الرئيس الروسي بين العنف الذي تعرضت له الولايات المتحدة وبين ما اعتبره الإرهاب الأصولي الذي تعرضت له روسيا على أيدي الشيشان وجماعات ابن لادن، وقام الإعلام الروسي الخاضع للسيطرة الصهيونية بشن حملات على العرب والمسلمين مطالباً بقطع العلاقات الروسية مع سوريا والعراق وإيران، إلا أن هذه الحملة و وجهت بحملة معاكسة من القوى القومية واليسارية التي حذرت من أهداف الدعاية الصهيونية، وأكدت على ضرورة استمرار العلاقات الجيدة مع الدول العربية والإسلامية، ولعل تلك الضغوطات ساعدت على تبديل الموقف الروسي والانتقال من التعاطف الأعمى مع الولايات المتحدة إلى الحذر والدعوة للتريث والعقلانية .

دول الاتحاد الأوروبي تحولت مواقف معظمها من التعاطف والاستعداد لتقديم المساعدة للولايات المتحدة الأمريكية إلى الحذر والترقب، وشهدت اجتماعات الناتو والاتحاد الأوروبي خلافات واسعة حول الاندفاع و تأييد الولايات المتحدة، كما عكست وسائل الإعلام هذه التخوفات والخشية من تحول الصراع بين الغرب المسيحي و الشرق المسلم .

الانعكاس الأكبر ظهر في جنوب أسيا وخصوصاً في المربع الذي يضم الباكستان وأفغانستان والهند وإيران وخصوصاً بعدما وجهت الاتهامات إلى ابن لادن وحركة طالبان وهو ما سنتعرض له بتفصيل في القسم التالي من البحث.



القسم الثاني
رد الفعل الأمريكي .. مقدمات العدوان

أولاً: الهدف .. محاربة الإرهاب الأصولي :

منذ اللحظات الأولى وقبل أن يعرف أي شيء عن منفذي العملية التي طالت مبنى المركز التجاري ومبنى البنتاغون أخذت أصابع الاتهام توجه إلى الأصوليين الإسلاميين وإلى أسامة بن لادن، وما أن استفاق الرئيس الأمريكي ومعه كبار المسؤولين حتى راحوا جميعاً يتحدثون عن معركة ضد الإرهاب الأصولي، ورغم دعوات عدم التسرع في ردود الفعل إلا أنه قد بدأ وكأن هناك سباقاً مع الزمن لإثبات التهمة على ابن لادن، فتحول ابن لادن من مشتبه محتمل إلى مشتبه رئيسي، ومن ثم إلى مشتبه وحيد، وفي الشارع الأمريكي انعكست تحريضات الإعلام وتصريحات المسؤولين إلى نقمة ورغبة بالثأر، ففي استبيان أجرته إحدى الوكالات الأمريكية أجاب 85% ممن شملهم الاستفتاء على رغبتهم بالثأر، حتى لو وقع نتيجته ضحايا من الأبرياء.

كانت الولايات المتحدة الأمريكية وصناع القرار فيها بحاجة إلى عدو تتوجه إليه الأنظار قبل أن يستفيق الشعب الأمريكي من حالة الصدمة، ويطالب بمحاسبة المسؤولين عن التقصير وعن تلك الثغرات الأمنية الواسعة في أجهزتها الأمنية والإدارية والسياسية، وكان الرئيس الأمريكي بالذات أكثر حاجة للتغطية على أدائه البطيء والبليد، وابن لادن هو الضحية النموذجية التي يمكن توجيه الأنظار إليها بسهولة، وبدون حاجة إلى أدلة دامغة فهو المتهم المحضّر بشكل مسبق لأي عمل"إرهابي" أو أي عمل عنف يستهدف الولايات المتحدة .

ومن أجل استكمال صورة المتهم النموذجي توجهت التحقيقات لإثبات التهمة على المتهم المفترض وليس للبحث عن الحقائق الوقائع بصورة مجردة، فتوجه التحقيق للبحث عن عرب ومسلمين بين خاطفي الطائرات، وتم حصر 19 منهم، وتبين أن بعضهم مدرب على قيادة الطائرات وهنا لم يحاول التحقيق أن يتثبت من كون حاملي الجنسيات العربية وفق جوازات السفر المبرزة هل هم من العرب فعلاً؟ وهل هم من الأصوليين ثانياً؟ وهل هناك ما يربطهم بابن لادن ومنظمته أخيراً؟ رغم ما تبين فيما بعد أن خمسة ممن نشرت أسماؤهم على أنهم من خاطفي الطائرات هم على قيد الحياة، وهم مقيمون في المملكة العربية السعودية، وكان قد أبلغ أحدهم "العمري" عن فقده جواز سفره في الولايات المتحدة قبل عدة سنوات ونظم محضراً رسمياً بذلك، وتبين أن مختطف مفترض كان قد توفي قبل سنة، كما أبلغ عن خاطف مفترض آخر وهو لبناني بكونه بعيداً عن الالتزام الديني، وهي الشروط الأولى للانتساب إلى أي تنظيم أصولي إسلامي، وكانت المسألة الثالثة بأن جميع من ذكرت أسماءهم ليسوا من المعروفين بميولهم الأصولية، وليست لهم سوابق لا في الولايات المتحدة الأمريكية ولا في بلدانهم الأصلية، وهنا يجدر العودة إلى ملف محاولة اغتيال خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس في العاصمة اللبنانية، فقد تبين من التحقيق الأولي مع محاولي الاغتيال وهم من عناصر الموساد أنهم يملكون جوازات سفر كندية، وان الموساد يملك جواز سفر لجنسيات مختلفة بعضها مزور وبعضها صادر عن جهات رسمية في بلدانها .

كان القرار السياسي قد اتخذ في الدوائر المريكية الضيقة بأن المتهم هو أسامة بن لادن ومن يأويه، واعتبر ذلك من تحقيقات مجرد تفاصيل يجري لاستكمال التهمة ليس إلا. نفى أسامة بن لادن التهمة المسندة إليه، وقالت حركة طالبان التي تقدم له المأوى والرعاية أن أسامة بن لادن لا يملك الإمكانيات لتنفيذ هكذا عملية وهو شبه مقيد الحركة، وملزم من قبل حماته بأن يركز في جهاده على نصرة الطالبان وعدم القيام بنشاطات خارجية.

نفى ابن لادن ما نسب إليه لا يجوز تجاهله فهو رغم وجود الدافع لديه لتوجيه ضربات للولايات المتحدة الأمريكية، إلا أن قدرته على الحركة خارج أفغانستان شبه محدودة، فجميع أنصاره مطلوبون في جميع دول العالم، ويخضعون للمتابعة والمراقبة، كذلك تخضع للرقابة جميع مكالمات ابن لادن من قبل أقمار صناعية أمريكية،وجففت الكثير من منابعه المالية بفضل تعاون دولي واسع مع الولايات المتحدة، وعلى فرض تمكنه من تنفيذ مثل هذه العملية الواسعة التي احتاجت إلى عشرات الاستشهاديين أو الانتحاريين وإلى تدريبات وخطط امتدت لسنوات فإن هذا مؤشر خطير على ضعف الاستخبارات الدولية بما فيها وكالة المخابرات المركزية الأمريكية، والإنكليزية والصهيونية.. إلخ.

كانت الولايات المتحدة الأمريكية تحتاج إلى ضربة كبيرة تسترد فيها هيبتها الضائعة، فأدركت أن ابن لادن لا يشكل الهدف الكافي لإرضاء شهوة الانتقام فهو في النهاية مجرد رجل على رأس تنظيم يضم بضع مئات أو بضعة آلاف في أحسن تقدير معظمهم محاصر في ملجئه الآمن، وكان لا بد أن تطور من استراتيجيتها، فقالت أنها ستقود معركة ضد الإرهاب وضد الدول التي ترعى الإرهاب،وأخذت الأنظار والخطط والأضواء تتوجه إلى أفغانستان وإلى حركة طالبان الإسلامية الأصولية التي تسيطر على هذا البلد وراحت العديد من الدول والقوى بدفع أمريكا لهذا الاتجاه، وفي مقدمة هؤلاء:

1- الكيان الصهيوني:

الذي اعتبر أن المقاومة الفلسطينية واللبنانية هي جزء من منظومة إرهابية تشمل الوطن العربي والعالم الإسلامي، واعتبر الحركات والدول الإسلامية في قلب آسيا عمقاً استراتيجياً للوطن العربي الذي يخوض بمواجهته معركة إبادة، وكان يرى في القنبلة الذرية الباكستانية "قنبلة إسلامية" كما يرعى في طالبان رديفاً لحماس والجهاد رغم بعد المسافة بينهما وبين فلسطين.

2- الهند:

التي تخوض صراعاً منذ أكثر من نصف قرن مع جارتها الباكستان، وهو صراع ذو خلفية دينية وأثنية وجغرافية، ولا تزال كشمير ذات الأغلبية الإسلامية والمحتلة من قبل الهند بؤرة متفجرة للصراع بين البلدين اللذين قادهما التنافس إلى ميدان القنابل الذرية والصواريخ الحاملة لها، وفي كشمير تخوض المنظمات الأصولية/ الإسلامية الصراع اليومي ضد ما تسميه بالاحتلال الهندي، وهي منظمات على علاقة وثيقة بأفغانستان وبحركة طالبان وبأسامة بن لادن، وكانت الهند قد شهدت في العقود الأخيرة نهوضاً للتيار القومي الشوفيني على حساب حزب المؤتمر الوطني الذي كان على عكس منافسه على علاقة وثيقة مع الوطن العربي.

3- روسيا الاتحادية:

التي تخوض حرباً صعبة في الشيشان والقوقاز، ويخوض أنصارها معارك ضارية في الدول الإسلامية التي كانت تابعة للاتحاد السوفياتي وهي: طاجكستان، وأوزبكستان، ففي الشيشان سجل الاستقلاليون انتصارات واسعة على الجيش الروسي، ولا تزال قوات الاستقلاليين الأصوليين تضرب بقوة ذلك الجيش الذي يخوض معركة يائسة، ولم تقتصر ضربات الأصوليين الشيشان على الأراضي الشيشانية بل امتدت في كثير من الأحيان نحو العمق الروسي، وشكلت طالبان وحركة بن لادن المستودع الخلفي لقوات الشيشان، حيث يقومون هناك بإعداد المقاتلين لزجهم في القتال ضد الجيش الروسي ولا تزال فرقة من أولئك افغان العرب بقيادة ابن الخطاب تقاتل داخل الشيشان بقوة منذ عدة سنوات.

وهكذا تحول الهدف الأمريكي من شخص ابن لادن غير المرئي إلى إمارة أفغانستان المحكومة بالجغرافيا والمحدودة الأبعاد وأضحى ابن لادن مجرد هدف أولي على قائمة المطالب غير المحدودة، لكن طالبان ليست هدفاً سهلاً فهي بعيدة عن تناول اليد الأمريكية المباشر نظراً لعدم وجود حدود بحرية تؤمن انتقالاً سهلاً للأساطيل الأمريكية ولقوات المارينز إلى أفغانستان.

ثانياً- أفغانستان .. "طالبان- ابن لادن" الأهداف المباشرة لرد الفعل الأمريكي:

1- أفغانستان دولة في مهب الريح:

النفط الدم والمخدرات وأطماع الجيران تمتزج كلها بالموروث التاريخي لتحكي قصة الصراع الطويل في أفغانستان وعليها، هذا الصراع الذي تتواصل حلقاته وتتبدل أطرافه، ويتحول الحلفاء إلى أعداء بين ليلة وضحاها وتتغير أوصاف المتصارعين حسب تبدل الأهواء، فهم حيناً مجاهدون شرفاء، ومناضلون من أجل الحرية، وفي وقت آخر إرهابيون متعصبون، معادون لحرية الإنسان، يحلمون بإقامة نظام أصولي متخلف.

الصراع في أفغانستان وعليها يحمل الكثير من الصراعات المتشابكة مما يجعل من المستحيل فهمه ومتابعته دون تفكيك الخيوط المترابطة، ودون معرفة دقيقة بالتفاصيل الصغيرة والكثيرة التي تشكل خارطة الصراع، ولتبسيط الصورة يجب إلقاء الضوء على تركيبة ميدان الصراع وأطرافه:

1- الموقع وجغرافية السكان:

في منتصف القارة الآسيوية وبعيداً عن جميع المنافذ البحرية تقع جمهورية أفغانستان، حيث تحدها من الشمال ثلاثة من الجمهوريات السوفياتية السابقة هي: تركمانستان وطاجيكستان وأوزبكستان، ومن الشرق الصين، ومن الشرق والجنوب الباكستان، ومن الغرب إيران، وهي في موقعها تشكل منطقة رخوة بين أطراف ذات طموحات إقليمية وتتداخل هذه الجغرافية مع الجغرافية السكانية، حيث تشكل القبائل المختلفة في الداخل والمتجانسة مع خارج الحدود ما يشكل امتدادات للجغرافيا وللجيران داخل الدول الأفغانية، ففي الشمال تسكن قبائل الأوزبك والطاجيك التي هي امتداد لسكان الجمهوريات الإسلامية "السوفياتيه السابقة"، وفي الجنوب والوسط البشتون الذين يتواصلون مع بشتون الباكستان، وفي الوسط والغرب قبائل الهزازة التي ترتبط بالعقيدة مع إيران الشيعية، وفي الغرب أتباع الطائفة الإسماعيلية، بعض هذه القبائل والعشائر تعتبر الكتلة الأساسية لأبنائها خارج الحدود كما في الطاجيك، حيث يفوق عدد الأفغان الطاجيك الذين يتراوح عددهم حوالي خمسة ملايين نسمة سكان طاجكستان.

تعدد القبائل والثنيات يترافق مع تعدد المذاهب والعقائد، فقبائل الهزازة شيعية ،تشكل 8-10% من السكان، وهناك أقليات إسماعيلية، ولكن الطائفة السنية هي الغالبة فقبائل البشتون والتي تشكل أكثر من نصف السكان هي مسلمة سنية، كذلك الطاجيك الذين يشكلون ما يزيد عن ربع السكان الذين يقدرون بما يقارب من الثمانية عشرة مليوناً ينتشرون في مساحة هي 652 مليون كم2 لا يصلح للزراعة منها سوى 15%، أما باقي الأراضي فهي إما جبلية وعرة يزيد ارتفاع بعض قممها عن سبعة آلاف متر، أو صحراوية قاحلة في الغرب، حيث المناخ القاري الذي تختلف فيه درجات الحرارة بشكل كبير بين الصيف والشتاء وبين الليل والنهار ففي الشتاء تسجل المناطق الجبلية درجة حرارة تقل عن عشرة تحت الصفر وتزيد عن الخمسة وأربعين درجة في الصيف في مناطق الغرب، وتسجل الفروقات بين الليل والنهار في بعض المناطق ما يقارب الثلاثين درجة، ويتعمد السكان على الزراعة وتربية الماشية في بلد يزيد فيه سكان الريف عن 85% من مجمل عدد السكان، لكن سنوات الحرب الطويلة أدت إلى تدمير الزراعة التي كانت تقوم على القمح والشعير والأرز والقطن والفواكه كما تعرضت الغابات إلى تدمير منهجي مما اضطر عدد كبير من السكان إلى الهجرة إلى البلدان المجاورة وخصوصاً إلى الباكستان وإيران، ففي الباكستان اليوم ما يقارب الثلاثة ملايين من اللاجئين الأفغان، وهناك نضف هذه الأعداد في إيران، ويعتبر هؤلاء اللاجئون الروافد الأساسية للمقاتلين في جميع الفئات المتحاربة، وتعتبر مدينة بيشارو الباكستانية أهم قاعدة للمهاجرين الأفغان وتكاد تكون أكثر شهرة من العاصمة الأفغانية "كبول" أو من عاصمة الشمال "مزار شريف" أو عاصمة طالبان "قندهار" .

تدمير الزراعة وظروف القتال دفعت السكان إلى التركيز على زراعة الأفيون، وتشير التقديرات الدولية إلى أن أفغانستان تعتبر ثاني مورد للأفيون في العالم بعد غواتيمالا، وتبلغ القيمة الفعلية لتجارة الأفيون مليارات الدولارات سنوياً، ولكن لا يصل من هذه المبالغ إلاّ أرقاماً ضئيلة إلى الفلاحين والمزارعين الأفغان أما الباقي فيذهب إلى رجال المافيا، والتجار ومعظمهم من خارج أفغانستان، ورغم الأرقام المرتفعة لمبيعات الأفيون فإن مستوى الدخل الفردي للمواطن الأفغاني لا يزيد عن سبعمائة دولار سنوياً حسب آخر إحصاء رسمي .

وبالعودة إلى الجغرافيا فإن خط الحدود بين أفغانستان والباكستان يمتد 25000 كم، ويمتد هذا الخط 850 كم بين أفغانستان وإيران مما يجعلهما أكثر دول الجوار اهتماماً بما يجري داخل أفغانستان.

2- التاريخ:

إذا كانت الجغرافيا وعرة وصعبة ومتشابكة تسمح بحروب العصابات وتولد مقاتلين أشداء وقساة فالتاريخ أيضاً يمدّ الأفغان بمولدات للصراعات والحروب حيث لم يشهد تاريخ المنطقة الكثير من الاستقرار فقد كانت معبراً للغزاة والفاتحين وممراً للهجرات، كما كانت طريقاً للحرير.

من الهجرات القادمة من أواسط آسيا قدمت معظم القبائل التي تعيش في أفغانستان وجوارها وكانت معظم تلك القبائل تتحدث بلغة يطلق عليها أوريان فسميت المنطقة باسم أوريانا، وخضعت المنطقة منذ القرن السادس قبل الميلاد للإمبراطورية الفارسية، ولكن الإمبراطورية الفارسية تعرضت لهزيمة ساحقة على يد الإمبراطور إسكندر المقدوني الذي اجتاح بلاد فارس عام 300 ق.م وهو في طريقه إلى الهند، لكن إمبراطورية الإسكندر انقسمت إلى مماليك عدة متنازعة بعد وفاته، وفي القرن الأول الميلادي سيطر على المنطقة قبائل الكوشان القادمة من الصين لتعقبها قبائل الهياطلة في القرن الرابع وتنازعت معها قبائل وممالك هندية وصينية وفارسية، إلى أن وصلتها الفتوحات العربية الإسلامية في القرن السابع لتبدأ معها الصفة الإسلامية وليصبح تاريخها منذ ذلك الحين مرتبطاً بالتاريخ الإسلامي وفتوحاته.

وفي القرن العاشر الميلادي سيطر على المنطقة قبائل السامان الذي أسسوا مملكة دامت أكثر من قرنين وكانت عاصمتها مدينة بخارى التي تقع في دولة أوزبكستان الحالية، وامتد نفوذ هذه المملكة إلى مناطق شاسعة وصلت إلى مشارف العراق، وسقطت الإمبراطورية السامانية "الغزنوية" على يد ملك خوازم المعروف باسم خوازم شاه في القرن الثاني عشر، وكانت عاصمة ملكه في خوازم التي هي اليوم في جمهورية كازاخستان، لكن المنطقة سرعان ما سقطت تحت سيطرة جنكيز خان القادم من الشمال الشرقي في منغوليا ولتكون جزءاً من إمبراطورية امتدت حتى سواحل البحر الأبيض المتوسط، وقام أهلها بالثورة عليه وقتل الأمير الذي تركه عليها وهو ابنه، فعاد جنكيز خان ليرتكب إحدى أفظع جرائمه، وبعد المغول تعرضت لغزو التتار فاحتلها تيمورلنك في القرن الرابع عشر وهو في طريقه إلى الغرب واستمر خلال القرون التالية توالد الدول والدويلات واستمرت الحروب والنزاعات .

غير أنه في منتصف القرن الثامن عشر وبينما الصفويون ذوو الأصول الفارسية يتنازعون السلطة مع المغول في المنطقة ظهر الملك أحمد خان التتاري عام 1747 الذي وحد الممالك المتصارعة وأورث الحكم لأحفاده من أناء الأسرة الدورانية، وكان آخرهم الرئيس محمد داود الذي انقلب على الملك ظاهر شاه .

ولم تكن أفغانستان بعيدة عن أطماع الغرب في العصر الحديث الذي وصلت جيوشه إلى أراضي الهند المجاورة، إلا أن هذه الأطماع اصطدمت بقوتين، أولهما عشق الحرية، حيث تعتبر أفغانستان إحدى الدول القليلة التي لم يستقر فيها الاستعمار القادم من خارجها، وثانيهما أطماع روسيا القيصرية المنافس الرئيسي للغرب حيث بذلت روسيا جهوداً كبيرة للسيطرة على الأجزاء الشمالية ووصلت سيطرتها في بعض الأحيان إلى العاصمة كابول، بينما وقعت المدينة في أوقات أخرى ومعها مناطق الجنوب تحت السيطرة الإنكليزية، التي استطاعت فرض احتلالها بشكل متقطع وبصورة غير مستقرة إلى العام 1921، حيث أعلن عن استقلال أفغانستان، ومن المهم هنا ونحن نستعرض تاريخ أفغانستان الحديث أن نتحدث عن أهم الثورات ضد الاستعمار البريطاني، ففي عام 1839 خرجت حملة إنكليزية عسكرية كبيرة دعماً للأمير "شجاع الملك" الذي تنازع السلطة مع شقيقه "دوست محمد خان" المتحالف مع الروس لكن، الحملة تعرضت لثورة مستمرة من الأهالي لمدة ثلاثة سنوات اضطرت بعدها للجلاء عن العاصمة كابول، وبينما كانت الحامية المؤلفة من خمسة آلاف جندي بريطاني ومعهم جالية بريطانية وهندية تزيد عن عشرة آلاف شخص في طريق عودتهم تعرضوا لكمين من قبل المقاتلين الأفغانيين وأبيدت الحملة ولم ينج منها أحد، وعلى أثر هذه العملية قام الإنكليز بتدمير مدينة كابول واحتلالها مرة أخرى ولكنها تعرضت لثورات مستمرة أشهرها ثورة عام 1878 إلى أن تحقق الاستقلال، واتفق بين القوى العظمى على حياد ضمني استمر حتى الانقلاب الشيوعي عام 1979، وقبل هذا الانقلاب كان التنافس بين القوى العظمى يأخذ طابعاً اقتصادياً وإصلاحياً حيث تقوم الولايات المتحدة الأمريكية ومعها الدول الغربية بإنشاء طرق ومشاريع عمرانية في الجنوب بينما يقوم الروس ببناء الطرق والمشاريع في الشمال.

2- أفغانستان من الجهاد إلى الأصولية:

في عام 1979 انقلب الشيوعيون على الملك "داود المعتدل"، وكانت ثورتهم الانقلابية العسكرية غير مفهومة أو مقبولة من مجتمع قبلي أصولي يعمل معظم سكانه رعاة وزارعي الحشيش، فووجه الانقلاب بعزلة شعبية، وتدخل السوفيات لنصرة حليفهم القادم إلى السلطة بقوة الانقلاب وبقهر الإيديولوجيا، وأصبح السوفيات على مقربة من المصالح الغربية فهم على حدود الباكستان وإيران وعلى مسافة من بحر الخليج النفطي، ورأت الولايات المتحدة الأمريكية الفرصة سانحة للانتقام من مساعدة السوفيات للفيتناميين وإلحاق الهزيمة بهم، وفرصة أخرى لتدمير الاتحاد السوفياتي.

لم تكن الولايات المتحدة الأمريكية بحاجة إلى تدخل مباشر لقيادة صراع مع السوفييت ولم تكن تلك استراتيجية لها أصلاً، فاستنفرت "الأصولية الإسلامية" لتقود حرباً شرعية ضد السوفييت "الكفار" وكانت الكثير من العوامل مساندة للاستراتيجية الأمريكية، فالقبلية الأصولية الأفغانية مهيأة لصراع على خلفية دينية، والبيئة مساعدة لحرب عصابات طويلة والجوار الباكستاني والإيراني مهيئ لتقديم المساعدة .

وفي الوطن العربي وجدت الأصولية الإسلامية المستنهضة في بلدانها والمقموعة في آن واحد فرصتها لتطبق نظرياتها الجهادية بأقل التكاليف وبمساعدة غير مباشرة من أعدائها المفترضين، فانتقل العديد من أولئك الأصوليين إلى أفغانستان ليقودوا جهادهم ضد "الاتحاد السوفياتي" وليلتقطوا أنفاسهم من الصراع الدموي الخاسر داخل أوطانهم وليحضروا أنفسهم لمعارك قادمة في أرض الوطن حسب قناعاتهم .

استمرت الحرب "الجهادية" عشرة سنوات طويلة أعادت رسم صورة الخارطة السياسية الجديدة من قوى يجمعها هدف مشترك هو كرب "الكفار"، وتفرقها المطامع والأصول العرقية والأثنية، والطائفية والمذهبية، ومصالح دول الجوار ومع خروج السوفييت وانتصار المجاهدين بدأت حرب الأشقاء المتنافسين على السلطة، وتبادل هؤلاء الأشقاء الاستيلاء على العاصمة كابول، مترافقة مع مجازر الحروب الأهلية، وفي خضم الصراع الداخلي قامت دول الجوار الإسلامية وتحديداً الباكستان وإيران بتحشيد الأنصار والفرقاء، فتشكلت قوتان: أولاهما تستند إلى الباشتون/ السنة الذين يشكلون الأغلبية، ويقودها حكمتيار المدعوم من الباكستان، والثانية التحالف الذي يضم الأقليات الأثنية والطائفية والمدعوم من إيران وبدى وكأن الحرب تكاد لا تنتهي بين الفريقين المتكافئين بالقوة .

3- طالبان المجاهدة :

ظهرت حركة إسلامية جديدة عام 1994 بين صفوف الباشتون اللاجئين في مخيمات بيشارو، وكان معظم رجال الحركة من طلبة المعاهد العلمية "الشرعية" في الباكستان، ومن طلبة الأزهر الذين احتكوا بالمنظمات الإسلامية الأصولية، أو من الذين تدربوا على أيدي العرب الأفغان، ومن بين الذين درسوا في مدراس حزب جمعية العلماء المسلمين في الباكستان، وسيطرت على هؤلاء أفكار "الالتزام بسنة الدين الصافية النقية، وتسييسه وإحياء الروح الجهادية المقاتلة فيه"، وكان هدفهم إقامة حكومة مركزية قوية ومحاربة الفساد والمؤثرات الأجنبية، وعلى طريق تحقيق هدفهم هذا طالبوا أطراف الصراع الداخلي بوقف إطلاق النار والتوصل إلى وفاق، وعندما لم تؤخذ دعوتهم بعين الجد بدؤوا بشن زحف مقدس من معاقلهم الجنوبية وسرعان ما تساقطت أمامهم قوات القائد قلب الدين حكمتيار رئيس الحزب الإسلامي، وبدأ الانهيار يحل بجميع الفصائل التي تساقطت مواقعها واحداً تلو الآخر، وخلال أقل من عامين استولت طالبان على العاصمة كابول وعلى 90% من الأراضي الأفغانية، وبقي وزير الدفاع السابق أحمد شاه مسعود يقاوم في بعض المناطق الشمالية ومعه مقاتلوه من الطاجيك مستفيداً من دعم قوي من جمهوري الطاجيك السوفياتية السابقة ومن حكومة طهران، وظهر واضحاً أن الباكستان قدمت دعماً غير محدود لحركة طالبان.

ورغم أن الحركة الأصولية متزمتة إلا أنها لم تكن تشكل خطراً جدياً على إمكانية نقل تجربتها "الثورية السنية" إلى باقي الدول الإسلامية بسبب التخلف العام للحركة والأفغانستان وعد قدرتها على خلق نموذج مؤهل للاقتداء، إلا أن الحركة استهوت الحركات الإسلامية الأصولية المتطرفة في كل من كشمير والاتحاد السوفييت السابق والصين وفي الوطن العربي، وتبلغ حالياً عدد القوات التابعة لطالبات أكثر من مليون مقاتل.

4- ابن لادن ومنظمة القاعدة:

أصبح الشيخ أسامة بن لادن أبرز شخصية عالمية على الإطلاق منذ أن اعتبرته الولايات المتحدة الأمريكية العدو الأول لها وخصصت جائزة مالية قدرها خمسة ملايين دولار أمريكي لمن يقدم معلومات تساعد في القبض عليه حياً أو ميتاً، وهو يكاد يفوق في شهرته "تشي غيفارا" رمز الحرب اليسارية العالمية على الإمبريالية الأمريكية في الستينات من القرن الماضي.

على العكس من تشي غيفارا وزملائه الثوريين الماركسيين الذين عاشوا طفولة صعبة وفقيرة، فإن أسا
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://ibnimos.yoo7.com
 
: تفجير مركز التجارة العالمي في نيويورك سنة 1993م
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» تفجير المنصوره تكلف 25 مليون دولار والدفع لحمساوي من حساب قطري في "تل أبيب"..
» حفل النجم عمرو دياب والنجمة إليسا بمركز التجارة العالمى بدبى
» الإعلان العالمي لحقوق الإنسان 1948
» حصريا البرنامج العالمي ::: Yourself! Fitness PC :::: روابط
»  البطل عمرو ابراهيم البتانونى أحد أبطال ...تفجير ميناء ايلات

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
مسجد وصيف دوت نت :: كلام بالعقل-
انتقل الى: