المدير العام
عدد الرسائل : 6594 السٌّمعَة : 7 نقاط : 6350 تاريخ التسجيل : 25/01/2007
| موضوع: هــل يصـــــوم القلـــب ..؟! الأربعاء 26 أغسطس - 17:46 | |
| هــل يصـــــوم القلـــب ..؟! بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
وهل يصوم القلب ؟
الحمد لله و الصلاة والسلام على رسول الله :
أما بعد :
سألتة : ما الصيام عندك ؟
قال : كف البطن عن الطعام والشراب , وقضاء الشهوات .
قلت : هذا أهون الصيام عند السلف .
قال : فكف السمع والبصر واللسان واليد والرجل وسائر الجوارح عن
الآثام .
قلت : ونسيت القلب ؟
قال : وهل يصوم القلب ؟
قلت : يصوم أعظم صيام .
قال : اشرح لي ذلك .
قلت : صيام القلب بالإعراض عن الهمم الدنيئة والأفكار الدنيوية ,
وبكفة عما سوى الله بالكلية .
قال : وكيف يكون الفطر من هذا الصوم ؟
قلت : يكون بالفكر فيما سوى الله والدار الآخرة , وانشغال القلب
بالدنيا إلا دنيا تراد للآخرة .
قال : وهل لذلك أثر من الكتاب والسنة ؟
قلت : قولة تعالى : ( يوْمَ لَا يَنفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ
سَلِيمٍ ) ( الشعراء : 88 , 89 )
فعلق النجاة يوم القيامة على سلامة القلوب و إذا سلمت القلوب
سلمت الجوارح , واستقامت على طاعة الله , واجتنبت معصيتة ونواهي.
وقال النبي صلى الله علية وسلم ألا و إن في الجسد مضغة إذا صلحت
صلح سائر الجسد وإذا فسدت فسد سائر الجسد , ألا وهي القلب " ( متفق علية ) .
فأساس الصلاح والفساد هو صلاح القلوب وفسادها
ولذلك كان إصلاح القلوب وتهذيبها وتطهيرها من أعظم أعمال الطاعه التي
غفل عنها كثير من الناس .
قال أبو تراب النخشبي :ليس من العبادات شئ أنفع من إصلاح خواطر
القلوب .
وقال أحمد بن خضروية :القلوب أوعية , فإذا امتلأت من الحق , أظهرت
زيادة أنوارها على الجوارح , و إذا امتلأت من الباطل أظهرت زيادة ظلمتها
على الجوارح .
" صفة القلب الصائم "
والقلب الصائم : قلب متحرر من حب الدنيا والتعلق بشهواتها وملذاتها
طلباً للنعيم الأعلى والراحة الدائمة .
قال رابعة : شغلوا قلوبهم بحب الدنيا عن الله عز وجل , ولو تركوها
لجالت في الملكون ثم رجعت إليهم بطرائف الفوائد .
والقلب الصائم : قلب مشغول بالفكر في الآخرة , والقدوم على الله عز
وجل .
قال حادث بن أسد : بلية العبد تعطيل القلب عن فكرة في الآخرة حينئذ
تحدث الغفلة في القلب .
والقلب الصائم : قلب سالم من الأحقاد
والضغائن لا يضمر لأحد من المسلمين غلاً ولا شراً ولا حسداً
بل يعفو ويصفح ويغفر ويتسامح , ويحتمل أذى الناس وجهلهم .
وقد سئل ابراهيم بن الحسن عن سلامة القلب فقال : "العزلة *
والصمت وترك استماع خوض الناس ولا يعقد القلب على ذنب ويهب لمن
ظلمة حقة " .
والقلب الصائم : قلب ساكن مخبت متواضع ليس فية شئ من الكبر
والغرور والعلو في الأرض .
قال النبي صلى الله علية وسلم :" لا يدخل الجنة من كان في قلبة مثقال ذرة
من كبر " ( رواة مسلم ) .
والقلب الصائم : قلب مخلص لا يريد غير وجة الله , ولا يطلب إلا رضى
الله , ولا يلتذ بغير محبة الله وذكرة وشكرة وحسن عبادتة .
قال يحيى بن معاذ : النسك هو العناية بالسرائر واخراج ما سوى الله عز
وجل من القلب .
وقال ضيعم : إن حبة تعالى شغل قلوب محبية عن التلذذ بمحبة غيرة فليس
لهم في الدنيا مع حبة لذة تداني محبتة ولا يأملون في الآخرة من كرامة ,
الثواب أكبر عندهم من النظر إلى وجة محبوبهم .
فأين أصحاب هذة القلوب النقية ؟
و أين أرباب تلك الهمم العليّة ؟
ذهبوا ـ والله ـ فهل ترى لهم بقية ؟
" علاج القلوب "
و إذا مرض القلب توجب علاجة ومداوتة حتى يعود إلى حال الصحة والقوة
وعلاج القلوب يكون بأمور منها :
1 ـ ترك الذنوب : ففي الحديث قال رسول الله صلى الله علية وسلم :
" إن المؤمن إذا أذنب , كانت نكتة سوداء في قلبة فإن تاب ونزع واستغفر
صقُل قلبة , و إن زاد زادت حتى تعلو قلبة فذلك الران الذي ذكر الله عز
وجل في كتابة( كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِم مَّا كَانُوا يَكْسِبُونَ ) [المطففين :
14]( رواة الترمذي وقال حسن صحيح ) .
وقال يحيى بن معاذ :سقم الجسد بالأوجاع وسقم القلوب بالذنوب فكما لا
يجد الجسد لذة الطعامعند سقمة لا يجد القلب حلاوة العبادة مع الذنوب .
رأيت الذنوب تميت القلوب وقد يورث الذل إمدانها .
وترد الذنوب حياة القلوب وخير لنفسك عيانها .
2 ـ رحمة الخلق : فقد شكا رجل إلى رسول الله صلى الله علية وسلم
قسوة قلبة فقال لة " امسح رأس اليتيم و أطعم المساكين " ( رواة أحمد
وحسنة الألباني )
وفي رواية قال : " أتحب أن يلين قلبك وتدرك حاجتك ؟ ارحم اليتيم ,
وامسح رأسة و أطعمة من طعامك , يلن قلبك وتدرك حاجتك " ( رواة الطبراني )
3 ـ ذكر الله : قال تعالى : ( الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ ) ( الحج : 35 ) .
وقال رجل للحسن : يا أبا سعيد ! أشكو إليك قسوة في قلبي ! قال : أدْنِه
من الذكر .
4 ـ الدعاء :فقد كان النبي صلى الله علية وسلم يقول : " اللهم
مصرف القلوب اصرف قلوبنا على طاعتك " ( رواة مسلم )
وكان يقول " يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك " ( رواة
الترمذي) .
5 ـ علاجات متفرقة :سأل رجل أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها :
ما دواء قسوة القلب ؟ فأمرتة بعيادة المرضى وتشيع الجنائز وتوقع الموت .
وشكا ذلك رجل إلى مالك بن دينار فقال :أدمن الصيام , فإن وجدت
قسوة فأطل القيام , فإن وجدت قسوة فأقل الطعام .
وسئل ابن المبارك : ما دواء القلب ؟ فقال : قلة الملاقاة .
وقال عبد الله بن خبيق :خلق الله القلوب مساكن للذكر فصارت مساكن
للشهوات ولا يمحو الشهوات من القلوب إلا خوف مزعج أو شوق مقلق .
وقال ابراهيم الخواص : دواء القلوب خمسة أشياء : قراءة القرآن بالتدبر
وخلاء البطن وقيام الليل والتضرع عند السحر ومجالسة الصالحين ** .
" أعياد الصائمين "
قال ابن رجب : " من يصوم في الدنيا عما سوى الله فيحفظ الرأس وما
حوى ويحفظ البطن وما وعى ويذكر الموت والبلى ويريد الآخرة فيترك زينة
الدنيا , فهذا عيد فطرة يوم لقاء ربة وفرحة برؤيتة .
كما قيل : أهل الخصوص من الصوام صومهم صون اللسان عن البهتان
والكذب .والعارفون و أهل الأنس صومهم صون القلب عن الأغيار
والحجب .. | |
|