قرية كفر ميت الحاون
علىبعد 68 كيلومترا شمال العاصمة القاهرة و حوالى 15 كيلومتر من زفتى توجد قرية كفر ميت الحارون من قرى مدينة زفتى محافظةالغربية والتى استطاعت ان تقوم باستخراج منتجات نافعة من الإطارات المستعملة الكاوتشوك0
وقد أصبح لهذه القرية "ماركة مسجلة" في صناعة الكاوتش، وتحولت من مجرد فلاحين يشكون كلفة الزراعة وقلة عائدها إلى قرية يطلق عليها البعض "كويت الغربية" في إشارة إلى ارتفاع مستوى الدخل مقارنة بالقرى المجاورة لها، ويتراوح مستوى الدخل في القرية من 150 إلى 300 دولار شهريا(**). ما إن تطأ قدماك كفر ميت الحارون التي لا يتعدى سكانها 50 ألفا، حتى تجد ملامح عمرانية وبشرية مختلفة عن تلك التي مررت بها عبر 68 كيلومترا، فالمنازل أغلبها من "الطوب الأحمر" وبعضها تم كسوتها بالرخام.
كما تتجاور الأراضي الزراعية مع عشرات ورش الكاوتش جنبا إلى جنب.. في مشهد ينبئ عن تناغم لعقلية فلاحي ميت الحارون، حيث اقتطع أغلبهم القليل من أرضه لإقامة هذه الورش، لكن ذلك لم يدفعهم إلى ترك الزراعة، فامتلاك الأرض لا زال يحدد مكانة الفلاح في السلم الاجتماعي في ميت الحارون، رغم أن غالبية أهل القرية متعلمون (يتركز معظمهم في شريحة المؤهل المتوسط).
ويجْمَع أهالي القرية بين الصناعة والزراعة عن طريق استقدام عمال من القرى المجاورة ليعملوا بالأراضي الزراعية، بينما يركزون ومعهم أبناؤهم على صناعة تدوير الكاوتش.
منذ الخمسينيات
بدأت تجربة الاستفادة من إطارات الكاوتش المستعمل -طبقا لروايات أهل كفر ميت الحارون- منذ الخمسينيات من القرن الماضي.. حيث سافر بعض أبناء القرية إلى شارع محمد علي في قلب القاهرة ليبدءوا أول عملية إعادة تدوير للكاوتش المستعمل، لكن اقتصر نطاقه على أعمال بسيطة كاستخدام قطع من الإطارات المستعملة لإصلاح الأحذية وتركيب نعال لها.
ثم عاد بعض أهل الحارون بعد سنوات من الغربة إلى قريتهم، حيث طوروا الاستفادة من الإطارات المستعملة ليستخرجوا منها شرائح مطاطية ويصنعوا "المقاطف" أو "القفف"، وأقيمت العديد من الورش التي تقوم بهذا العمل.
غير أن المشكلة التي كانت تواجه العاملين بهذه الصنعة هي أنها تحتاج لمجهود عضلي كبير، حيث كانت عملية استخراج الشرائح المطاطية من إطار الكاوتش تتم باليد وهو ما جعل هذه الصنعة آنذاك تقتصر على فئة قليلة من الناس ممن يستطيعون بذل مجهود عضلي، وكان الناس يطلقون على من يعملون بهذه المهنة "الأشقياء"!
لكن حدث تطور سمح بانتشار هذه الصنعة بالقرية، وهو ابتكار آلة يدوية تدار بتروس تسمى "الونش" تستخدم لاستخراج شرائح الكاوتش من الإطار المستعمل بدلا من استخدام المجهود العضلي.
أما عن جلب الكاوتش القديم فيتم ذلك بطرق متعددة، إما بنظام تسريح عمال ميت الحارون في القرى والمراكز المجاورة، بحيث يمكن جلب أكبر عدد من الإطارات المستعملة من المحلات أو من أصحابها مباشرة بكل أنواعها وأحجامها، بدءا من إطارات السيارات الملاكي وحتى إطارات الجرارات واللوادر